اللوتس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عام


    قصة سيدنا يوسف عليه السلام الجزء الثاني

    لوتس
    لوتس
    Admin


    عدد المساهمات : 202
    تاريخ التسجيل : 12/11/2009

    قصة سيدنا يوسف عليه السلام الجزء الثاني Empty قصة سيدنا يوسف عليه السلام الجزء الثاني

    مُساهمة  لوتس الإثنين نوفمبر 16, 2009 6:26 pm

    * يوسف في الجُبِّ:
    ويتطلّع الفتى الوسيمُ تحتَه، فإذا بماءٍ ساكنٍ، رقرَاقٍ… ويتأمّلُ فوقَه، فلايرى إلاّ غتمةً حالكةً..

    فتلُفُّهُ وحشةٌ خانقةٌ، وتطوفُ بخياله أفكارٌ سودٌ، فيرتعدُ..

    إنّه مظلوم، وقد ألقي به في جوف هذا الجُبِّ الحالك، الموحش دون ذنب، أو جريرةٍ..

    أمّا الظّالمون، فهم إخوتُه..

    فيا لسُخرية الأقدار!.. ويشعُر بالألم يعتصر قلبه الصغير، اعتصاراً!.. ثم يشعُر وكأنّ نوراً رقيقاً، لطيفاً، ينسابُ إلى دخيلةِ نفسه شيئاً فشيئاً.. فيُبدّدُ ما علق بها من وحشة مكفهِرّةٍ، ومايلُفّه من ظلمات.. وخيّل إليه، كنقرٍ في أذنيه، صوتٌ يهتفُ بهدوءٍ:

    - {لتُنَبِّئنَّهُمْ بأمرِهِم هذا، وهُم لايَشعرون}

    فيطمئن، كالمستبشر خيراً، وترتاح إلى ذلك نفسه ارتياحاً غريباً.. ويُسلم أمرهُ لله!…





    * خلاصُ يوسف:
    وبعد حين، يسمع يوسف، وهو في غيابة الجبِّ، أصواتاً اختلط بعضُها ببعض، فيُصعي إلى الأصوات التي تترامى إلى مسمعه، من بعيد..

    وإذا بها أصوات رجال، ووقع حوافر، وجلبة مسافرين.. إنّها قافلة، وقد حطّت عصا تُرحالها، قريباً من الجُبِّ..

    ويسمع فوقه صوتاً، فينظر.. وإذا بدلوٍ يتدلّى فوق رأسه، يمتاح (أي: يطلب) به صاحبُه ماءً!.. فيتعلّقُ يوسُفُ بالدَّلوِ المتدلّي.. وماهي إلاّ لحظاتٌ، حتّى كان يوسُفُ خارج الجُبِّ..

    وينظُر إليه صاحبُ الدَّلو، دَهشاً، فيصيح: {يابُشرى، هذا غلام!..}

    وأخذهُ معه في القافلة المتوجّهة في تجارة إلى مصر، خادماً، مملوكاً!.. وفي مصر، بيع الفتى بالثّمن البخس، والسّعر الزّهيد!..

    وكان الّذي اشتراه عزيزُ مصر، ورئيسُ شُرطتها "قوطيفار".

    وتوَسّم عزيزُ مصر في الفتى محتداً شريفاً، وأصلاً كريماً.. إنّ وجهه ليُنبئ عن أرومةٍ طيّبة العناصر، عريقة الأصول!.. وأوصى به زوجه خيراً، فيوسفُ ليس عبداً كبقيّة العبيد!..

    وأحسن يوسُفُ الخدمة في بيت سيّدِه، وأخلَصَ في ذلك… فهو بينَ أهليه حقّاً، فشتّان بينهم وبين الّذين خلّفهم وراءه في أرض كنعان!..


    * يوسف وامرأةُ العزيز:

    وشبَّ يوسفُ، الغُلامُ اليافع، في بيت سيّده، على نعمةٍ، وخضيل عيش… واشتدّت فتُوّتُه، وظهرت نجابتَهُ، وتفجّرت وسامتُه، فكأنّه - لحسنِه وجمالِه- لامن طينَةِ البشرِ، بل ملاكٌ كريمٌ ‍‍‍!..

    ولاحظت سيّدته فيه الشّباب الغضَّ المتألّق، فلا حقته بنظراتها،.. ثمّ أخذت تتراءى له، وتبتسمُ، وتمُدُّه بالغُنجِ والدَّلالِ!.

    ويُطرقُ يوسفُ أمام ذلك كلّه، بخفر العذراءِ الحييَّة.. فليسَ لهُ إلاّ الإخلاصَ العفَّ الأمينَ، في بيت سيّده الجديد، ومولاه!..

    ولكنّ سيّدة القصر مازالت تتقرَّبُ إلى يوسُفَ، فيُعرضُ عنها حيياًّ!.. فتزداد به تعلُّقاً، وله تعرُّضاً.. لقد شُغِفت به حُبّاً!..

    وتتعرَّضُ له متصابيةً، وقد برّحت بها لواعج الشوق، وعصف بها الغرامُ!..

    وتدنو منه، مراودةً أيّاه، فينفر، كالطّائر الفزع!. ويفرُّ أمامها،.. فتُلاحِقُهُ من غُرفةٍ، في القصر، إلى غرفةٍ، حتى الباب،.. وتشُدُّه من قميصِهِ فتشُقُّه!..

    وإذ بعزيز مصر، في الباب، وجهاً لوجهٍ، وقد فغرَ فاهُ مدهوشاً!..

    وقبلَ أن يستجمع العزيزُ شتات أفكاره، {قالت: ماجزاءُ من أرادَ بأهلِكَ سوءاً إلاّ أن يُسجَنَ أو عذابٌ أليمٌ}

    ولايُطيق يوسفُ، مكراً من سيّدته، وكذباً، {قال: هي راودَتني عن نفسي}

    ويظهر على عزيزي مصر الارتباك، فهو محتارٌ في أمره، لايدري مايفعل.. ويصل بعض أهل امرأة العزيز، فيُفاجأ، إذ الموقف فاضحٌ.. ينذرُ بعاصفةٍ وإعصارٍ!.. ويسكتُ الجميعُ، ويُطرقون، فمن يُحصحصُ صدقاً من كذبٍ، وحقاَّ من باطل؟..

    ويهديه رُشدُهُ إلى اقتراحٍ، يقودُ إلى الحقيقة النّاصعة:

    { إن كان قميصُه قُدَّ (أي: شُقَّ) من قُبُلٍ، فصدَقَتْ وهُوَ من الكاذبينَ. وإن كان قميصُهُ قُدَّ من دُبُرٍ، فكذَبَت وهُوَ من الصّادقينَ. فلمّا رأى قميصَهُ قُدّ من دُبُرٍ، قال: إنّهُ من كيدِكُنَّ، إنَّ كيدَكُنَّ عظيمٌ}.

    وكان عزيزُ مصر حكيماً في موقفه، فلملم الموقف، محاذراً تفجيره،.. فليس للقُصور أن تنبعث منها رائحة فضيحة!.. وليس لهذا الأمر أن يتكرّر أو أن يشيع.. فيلتفت إلى يوسفَ المطرق برأسه، فيواسيه:

    -{يوسف، أعرض عن هذا} لاعليك!… وانسَ ما حدث، وكأنّه لم يكُن!.. وينظرُ إلى زوجه، الّتي تكادُ تتهاوى من فرط حياءٍ وندمٍ وخجلٍ،.. فعليها أن تتُوبَ من فعلتها، وتندم على مابدر منها، ولاتعود لمثلها أبداً،..

    - أما أنت، فتوبي {واستغفري لذنبِكِ إنّكِ كنتِ منَ الخاطئين}

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 12:11 pm