اللوتس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عام


    الوطن، الحنين، الغربة، الشتات، الهجرة، المخيم ، الخيمة ، الحدود، الشمس

    لوتس
    لوتس
    Admin


    عدد المساهمات : 202
    تاريخ التسجيل : 12/11/2009

    الوطن، الحنين، الغربة، الشتات، الهجرة، المخيم ، الخيمة ، الحدود، الشمس Empty الوطن، الحنين، الغربة، الشتات، الهجرة، المخيم ، الخيمة ، الحدود، الشمس

    مُساهمة  لوتس الأربعاء نوفمبر 18, 2009 1:22 pm

    يفترض بي كفلسطينية أن اجسد معاناة هذا الشعب،أن ألعب دور الماء المركون في زجاجة وتشرب منه كل الأفواه...لذيذ هو مع اني في صغري تعلمت في حصص العلوم ان الماء لا لون له لا طعم لا رائحة،لكن على ما يبدو اختلاط الأدب علي بالتربة التي نستقي منها المياه الجوفية وسيلة لسقاية عروقنا الجافة واعتمادا ان لكل قاعدة شواذ، جعلني أتذوق الماء رغم تناقضات الملح والسكر فيه لا زال لذيذا لا زال فيه شتات حياة يوزعها على البشرية الفلسطينية جمعاء.
    ***
    الوطن،ذاك الذي شربناه عشقا وحبا ورضينا به فردوسا وجعلوه لنا جحيما،ذاك الذي لا يموت ولو خرقته طعنات الكون جميعا،ذاك الذي يجمع بين الإرادة القوية وتلك الروح التي لن تفنى لانها روحه التي ستبقى على كل حال،وطن ينبض مع اشراقات شمس الصباح ليملأ الثرى طربا واختلاجا ،فتنهض أرواح الشهداء في عرس بهيج تناجي الشوارع الحزينة،تحثهم على الصمود،أرواح تقوم بعد ليلة مضنية من حلم ندي جميل عبق بأطياف ساحرة لرجال عمالقة،لم يوجد لهم مثيل،رجال يحبون ولا يكرهون..يعشقون والف لا لا يكرهون..
    هل لمست يوما بكفك وقلبك وعقلك شلالات العشق يتدفق من جحر فلسطيني فيملأ الكون بالينابيع والألحان،ويزرع في بساتين الرجال أشجار الحياة؟.
    بكل هذا النبض، بكل حرارة الإختلاجات،بجمال الحجر وشلالاته الدافقة أحييكم ثم أحييكم وأجد لزاما علي ان اطير من أرض السلام سطور اعتزاز،رمز وليد جميل لحاضرنا الكفاحي،هي خاطرة أرسلها وانا أشاهد من بعيد النغمات الناعسة لجرزيم وهي تكاكي عيبال وتغازله في ربيع حافل بأقحوان الرجال وشقائق الأشبال،وتتراقص على كل ذلك جميع الأشياء واللاأشياء بيني وبين هذين الجبلين،من راس العين والياسمين الى طريق وادي الشعير الى الطاحونة الى الوعرة* التي أقطن فيها الآن.
    ***الحنين،ثمان وعشرين حرفا تتسابق أمامي لتصف الحنين ،لتعود على عكازين عاجزة عن أية تفسير،فأظنها داخلة في متاهة حنينين،حنين خارج الوطن،وحنين داخل الوطن .كيف يكون الحنين داخل الوطن،وهل يمكنني ان أستشعر الغربة في وطني،إنه وطني على كل حال!
    في البداية لأستعين ببضعة كلمات فأنا ما عدت أعرف إن كانت الأشياء تفتقدنا ام نحن نفتقدها،ولا أعلم أين يكون الوطن،ولا أدري وجهة الغضب،حتى صار الحنين يحن الى الحنين وكل في فلك يسبحون!ما هذا الأرابيسك العجيب الذي يصنعون،أين انا لأفك هذه الطلاسم وحقا تبا لي لإدخالكم في مثل هذه المتاهات.أعذروني لكني حين اكتب أفترس الكلمات من كتف المعجم الأيمن الى كتفه الأيسر فلا يبقى لي عذر في جمل الموقف.
    إني امرأة كنعانية تثور في قلبها البراكين،وقد ابتدأ يقتلع مشاعرها موج يلاطم داخلها كأنما أبتدأت لديها ثورة الجوع او حربا داحسية تمتد ألف عام،إنني لست الوحيدة فمعي في هذا الوطن وعلى ترابه الملايين يقفون ولا زال صهيل أمعائهم يرهب الصهاينة ،ليبدأ ضجيج نهاراتهم وصخب غير رتيب لتدور الأرواح مبلولة في الخوف بعدما كانت تحاول بأقصى جهدها ان تنجو من الغرق!
    ***الغربة والشتات بدأت منذ أن وعد جدي أبي بأن نعود الى حيفا،وبعد وفاة جدي أقسم أبي أن ينفذ وصية جدي وأوصاني بالعودة الى حيفا،سنعود،اجل سنعود الى حيفا وعكا ويافا تلك العروس البحرية التي خطف الغول أبناءها ولا زالت منذ ذاك الحين تبكي البحر وتسأل عنهم كل موجة!
    نعم ساعود ،ساعود الى حيفا الى تلك الكرمة الى تلك الشجرة العجوز،شجرة البلوط التي حدثني عنها جدي،سأعود لأبحث عن كيس الحواديت القديمة ذاك الذي دفنه جدي تحت شجرة البلوط العجوز!سأعود لاكتب وانقش اسمي من جديد على الشجر والماء والورد.
    ***المخيم والخيمة،الهجرة والشتات،مصطلحات أخرى اخترعوها لندخل التاريخ كما يقولون من أبوابه،فكيف لنا ان ندخله من حق العودة،من بياراتنا التي لا زالت ترسل لنا مراسيلها مع الريح،من كل سنبلة من سنابل مرج عامر،من كل وردة من حدائق حيفا،كيف لنا ان ندخل التاريخ من صراخ حناجرنا،من دم أطفالنا ،ومن نون نسوتنا ،تجتر صراخها الاخيرة لمعتصماه،ومعتصماه مكبل مثلنا في أقبية الموت ،ذبلت أصابعه القوية،وتمزقت جدران صدره،تثلم السيف الذي كسر أبواب المدن المفتوحة وما عاد يقدر على حدود صدئة.
    ***الشمس، نعم،قد تكون الشمس وضوحها ودفئها وسطوعها هي مجرد رمز يثير فيّ تعابير الكلم،لكنها رمز مثالي يعبر عن حاجة واقعية،نمضي أياما بأكملها ونحن نبحث عنها،انها الحرية،الحياة الجميلة،العيد،الحقيقة،العدالة،الحب،السعادة،الفرح والوطن،ولما كانت كل أو معظم هذه التعابير غائبة عن عالمنا-نسبيا-ونفتقدها كأحرار كمالكين للفكرة أكثر من غيرنا،ونفتقدها كحالمين على رايكم أكثر من غيرنا،لذلك تجدوننا دائما أكثر تقديرا للرموز الدالة على هذه التعابير،أكثر صداقة لها وأشد حبا...ولا داعي لأقول أن الفقير هو الأشد حبا وعشقا لرغيف الخبز من غيره وأكثر أداءً للطقوس الغريبة،طقوس ازاء الرغيف،ان ذلك يذكرني بعجائزنا وامهاتنا يلتقطن برعب وخشوع كسرة الخبز المهملة،يقبلنها ثلاث مرات مع ثلاث لمسات على الجبين قبل أن يضعنها في مكان آمن ولائق ومحترم!
    ***الصحراء،لا أقصد الصحراء حرها،فلهيبها ما زال فوق جلودنا،ولا اقصد عطشها فما ابتلت حلوقنا يوما،ولا وعورتها فأقدامنا لم تشبع بعد حجارة وشوكا وترابا،انما أقصد هذا الجفاف الرهيب هذا الذبول الخريفي المقيت،هو هاجس يولد حين تطلب الارض المطر،أين المطر،أين أين؟؟!
    نحن الآن أشد قلقا على انفسنا ،هو نفس القلق الذي يصيبنا خشية ان تغدو تلك البساتين صورا من الماضي السحيق ،لقد كان شهداؤنا جميلين لأنهم لم يتحولوا الى حكايات قديمة،بل لأنهم يولدون في تواصل حضوري يكمل واحدهم حكاية الآخر،كان شهداؤنا رائعين لأنا كنا معهم وعشنا حكاياتهم فكيف سيكون جمالهم حين يفقدوننا؟! هل سنموت؟وفي صمت جبان نموت؟!
    ***الطفولة،عن أي طفولة أتحدث ؟عن أحلام تملأ الوادي اهازيجا وفرحا لا ينتهي؟أم عن أنغام وأناشيد تملأ الكون صخبا وعرسا؟أم عن أفواه وأنامل تحول اليابس خضارا ؟والليل نهارا؟والصمت صوتا؟والإعوجاج استقامة استنادا لمبادئ الطفولة هي ابتسامة مستقيمة؟
    نحلم كأطفال بجنة طفولية،بـــ"مرجيحة"او"زحليقة" ولربما"دويخة"،أحلام طفولية بسيطة مبدأها بلى لــ"نعم"،وكلا لـــ"لا"...لا اعلم ذنب من كان لكن ما أذكره اننا كنا نستهوي لعبة"عرب ويهود" ودائما ما كان العرب هو الجانب الذي يحظى بالفوز،ولا تتفاجأن بالكم الهائل من الضرب والألم الذي يقع على الجانب اليهودي،وفي نهاية اللعبة نصطف جميعا في ازدحام هائل وبحناجر تتوق للنضج نصرخ بكل قوة الصمت"تحيا الوحدة العربية" ،هي احلام ننسجها في تسلسل رائع ..
    وكغيرها من المراحل،لها بداية ولها نهاية،ننضج ونستيقظ من أحلامنا لنتسشيط غضبا حين تتحول جنة الطفولة الى مكب صواريخ! وانتصار العرب دائما في لعبتنا"عرب ويهود"وختامها بـــ"تحيا الوحدة العربية"تضحي بعد ذلك "محمد مات... خلف بنات!!"..اييييف..الى متى؟
    ونكبر ،نكبر وتضمحل معنا احلام،فحلم بالخروج للدراسة سابقا قد ألغي،فتأشيرة الخروج قد تعطلت،او أن المعبر مغلق...وقد لا تتعطل التأشيرة ويفتح المعبر،ليستقبلنا جهاز المخابرات الاسرائيلي ويحتضننا لشهرين وأكثر،حينها تضيع التأشيرة وتضيع الدراسة،وتتبعثر الأحلام،وقد تختفي الأمهات حسرة على الولد الذي سجن!
    وآخرون رضوا بالوطن مقرا للتعليم،ونادوا بالقومية،ولم يدركوا ان القومية لها سعر غال،سعريتمثل في الذي يعانونه في ملاحم سفرهم لجامعاتهم تلك التي لا تستغرق دون كبسولات الانتفاضة سوى نصف ساعة،ليعدو تناولهم للكبسولات ممددا للوقت،فنحن لسنا على عجل! العمر طويل جدا وما المشكلة في انفاق ساعتين من وقتك لكي تصل الجامعة!
    والشباب على الحواجز يتضاربون،والأيدي تتشابك،والقلوب التي تصطدم بالظهور لتنقل لها ألم ارتعاشها صيفا للحرارة العالية،وشتاء من شدة البرد أو قد تكون محمومة جراء لفحة برد!
    وما هدف الجنود ان طلبو من الشاب او الفتاة برفع ملابسهم الرقيقة تلك،أو لخلع أحذيتهم،أو ليرفع قبعته...إنتظر أيها الشاب لا ترفع قبعتك...أخشى لأحلامك أن تصبح عارية للجميع...أسترها..فإنها عورة!
    ورغم كل ذلك نحلم،ورغم الأقسى الذي يقتل فلسطين بفلسطين،فهؤلاء كقيد في كلتا اليدين وبينهما بحر واسع...والشباب يغرقون ورغم كل ذلك نحلم ولم نتعلم أن الحلم هو نفسه الحدود الحمراء،تلك التي لا تستطيع اجتيازها،الا بتأشيرة حاملي اسم القضية،ونحلم وتتسع أحلامنا ويزداد عرض الخطوط الحمراء وتصبح أشد قسوة،عندنا الاحلام تتقن فن البدل،فاذا حلمت من جديد عليك ان تباشر بمسح حلمك القديم ووضعه في سلة المحذوفات فلا قدرة لاستيعاب حلمين،وصدقوني يكفينا حلم واحد لا يتبدل لكي لا يتحقق!..!
    اما الآن في هذه اللحظات،اضحى وجودنا مجرد حدث عابر،تشتعل فتيلته تارة،فيصحى الضمير وتبدأ الخطابات والقصائد ليتسهلكنا التاريخ مرة اخرى بأبخس الأسعار وبأثمنها! وغالبا ما يكسينا من المحيط الى الخليج سكون الغلاف الجوي!الآن في هذه اللحظات حيث يرتفع مرسوم الالم لدينا جميعا،مع انخفاض في مرسوم الأمل،حيث تبدأ تراودنا فكرة الخلاص الفردي،وبالمناسبة هذه هي القيمة الطاغية في عالمنا الفلسطيني الآن في هذه اللحظات!



    مجلة العرب والعالم

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 1:13 pm